الأحد، 23 ديسمبر 2018

مركز علاج الإدمان .. الصديق في عتمة الطريق

مركز علاج الإدمان .. الصديق في عتمة الطريق
مركز علاج الإدمان

مركز علاج الإدمان هو مكان مخصص لإنقاذ الأشخاص الذين يعانون إدمان تعاطي المخدرات والكحوليات.
ربما يكون التعامل مع مشكلة الإدمان بحد ذاتها مخيفًا ليس فقط للشخص المريض ولكن لأهله وأحبائه أيضًا، وهنا يكون الدور الأبرز الذي يمارسه مركز علاج الإدمان فهو يقدم المساعدة والدعم من أجل الشفاء، كما يزيل المخاوف التي قد تسيطر على كل من يقع بتلك المحنة.

مركز علاج الإدمان .. الصديق في عتمة الطريق

يعتبر الدعم المقدم في مركز علاج الإدمان أمر بالغ الأهمية لكل من يريد أن يستعيد نفسه وقدراته وتوازنه بعدما فقدهم نتيجة إدمانه على المخدرات، ففي المركز يتلقى مريض الإدمان المساندة والتأهيل ليبدأ مجددًا بتحمل المسئولية والتعامل بإيجابية أكثر مع الواقع ومشكلات الحياة، وخلاص الشخص مريض الإدمان من إدمانه يعني بلا شك فتح أفاق صحية وعقلية وروحية واجتماعية جديدة أمامه، ليعود ويندمج بالمجتمع ويحقق طموحاته.

مركز علاج الإدمان ليس منفى:

لا يعتبر مركز أو مصحة العلاج من الإدمان منفى يترك به المرضى لإبعادهم عن الحياة بعدما ألحقوا الضرر بأنفسهم وذويهم ومن حولهم نتيجة سلوكياتهم الإدمانية وتصرفاتهم الغير محسوبة، بل هو سكن مؤقت يتوفر فيه الأمن والسكينة والراحة والرعاية، بجانب الاستشارة الطبية والنفسية، ودخوله والبقاء فيها يسمح للمرضى بالتركيز على مشكلتهم الأساسية (إدمان المخدرات ــ الكحوليات)، كما لا يوجد فيه أي مثيرات أو محفزات للتعاطي، بل على العكس يشير المناخ كله بداخله نحو التعافي وعيش الحياة بشكل صحي.
دخول المرضى كذلك للمركز العلاجي يبعدهم عن ضغوط العمل ومشكلات الحياة والإغراءات الموجودة بالبيئة الاجتماعية، وجميع تلك العوامل لا تساعد على شفائهم وتحسن حالتهم، فهي قد تكون ضمن الأسباب الرئيسية التي دفعتهم للتعاطي والاستمرار على المخدرات.

الإدمان مرض مركب يحتاج للعلاج المتعدد:

ترى العلوم الطبية أن الإدمان على المخدرات والكحوليات أحد أعراض مرض الإدمان وليست كلها، ويعنى ذلك معاناة الشخص المدمن بالأساس من العرض، ولذلك أقدم على التعاطي واستمر عليه، وبالتالي العلاج يحتاج لتحسين وإصلاح سلوكيات متعددة بشخصيته، وفحص حياته والمشكلات التي تعرض لها حتى توضع له خطة علاج تحسن جوانب حياته جميعها، وهذا هو العلاج الفعال، ويستمر عليه المريض لبقية حياته، فالتعافي يعني الإقلاع حتى الممات.

هل البقاء بمركز علاج الإدمان له مدة محددة؟

الإجابة بنعم قد تكون وافية.. والإجابة بلا تعتبر صادقة. فالأمر يتوقف على حالة المريض الإدمانية والمستوى الذي وصلت إليه، فعلى سبيل المثال لن تكون حالة مدمني الهيروين أو الكوكايين الذين يتعاطون منذ عدة سنوات مثل حالة شخص يتعاطى الحشيش لمدة سنة فقط، فنوعية المخدرات مختلفة، كما تتعقد مشكلات الإدمان أكثر بطول المدة، وهذا يعني أن الإدمان المزمن يحتاج لوقت أطول بالعلاج من ذلك الذي لم يمر عليه وقت طويل.

فالإدمان يرتبط بسلوكيات، وكلما زادت المدة كلما ظهرت هذه السلوكيات وتملكت الشخص المدمن للدرجة التي يصبح معها علاج جسده من المخدرات يوازي علاج نفسه وتقويم شخصيته مما جلبته له حياة الإدمان من سلوكيات، ويتوقف نجاح العلاج كله على ذلك.
يمكن القول أن الإقامة بالمركز ربما تحتاج لوقت من 7 أيام إلى 6 ــ 9 شهور بحسب الحالة واستجابتها للعلاج ورغبة المريض بالشفاء.

نظام التعافي بمصحة علاج الإدمان:

علاج تعاطي المخدرات داخل المصحات والمراكز له مميزات كثيرة لا تقدر بثمن، وتنبع هذه المميزات من اعتمادها على التخطيط وتحليل شخصية المريض، وهما العاملان الرئيسيان لأي بناء علاجي ناجح.

فالتخطيط يحدد المشكلة الأساسية ويبدأ في حلها وفقًا لخطوات موضوعه سلفًا، ففي العادة عندما يدخل المريض للمصحة أو المركز يُفحَص سريريًا وتجرى له تحاليل شاملة تشمل الدم والقلب ووظائف الكبد والكلى، وبعدما يتأكد الأطباء من وجود المادة المخدرة بالتحليل وليس بالاعتماد على كلام المريض وحده، يخضع لجلسات سحب السموم بالجسم.

جلسات سحب السموم والمعروفة باسم (ديتوكس)، هي تطهير الدم والأعضاء الحيوية من آثار المخدرات، وبالمقابل يحصل المريض على بعض الأدوية البديلة للعقاقير المسحوبة لكن بجرعات محددة، كما أنها لا تسبب الإدمان، وتستمر جلسات سحب السموم لفترات تتراوح ما بين 5 ــ 10 أيام، وربما تمتد لفترات أطول تصل لنحو 30 يومًا.

وأما فيما يتعلق بمسألة تحليل شخصية المريض فهي جوهر العلاج النفسي، والطريق لسبر أغوار الدوافع التي أدت به لإيذاء نفسه دون أن يدرك، ويساعد التحليل وبعمق في تحديد نقاط الضعف بشخصيته وإيجاد نقاط القوة لتكون مرتكزًا للفريق العلاجي لإعادة تشكيل شخصيته عليها مرة أخرى.

يستمر المريض على اتصال بمركز علاج الإدمان والأطباء والمعالجين الذين خضع تحت إشرافهم للعلاج بعد انتهاء فترة علاجه، حيث يظل يتردد على المركز ليلقى الدعم الاجتماعي والإرشاد، بالإضافة لمناقشة مستجدات حالته مع الأخصائيين لطرد أية أفكار قد تتحول لاحقًا لتجربة إدمان جديدة.

ما هي معايير اختيار مراكز علاج الإدمان؟

تخرج حياة الإنسان عن السيطرة عندما يدمن على المخدرات أو الكحوليات، ويحتاج الشخص لمركز علاج ليساعده في الإقلاع والقفز من قطار الإدمان القاتل قبل أن تتحطم حياته أو تنتهي بالموت بجرعة زائدة، أو داخل زنزانة بأحد السجون.
الحصول على المركز أو المصحة المناسبة هو أمر حاسم في مسألة العلاج، لذلك ينصح المتخصصون بضرورة توافر الـ 6 شروط

التالية فيهم حتى تؤتي العملية العلاجية ثمارها بشفاء الشخص المريض:
يفضل المتخصصون استشارة أحد أطباء السموم أو الأطباء النفسيين وعرض الحالة عليهم بدلًا من البحث مباشرة عن مركز لعلاج الإدمان، فهناك بعض الحالات قد لا تحتاج للدخول للمصحات، بجانب وجود حالات أخرى تستدعي الدخول الفوري إليها والخضوع للعلاج.

بالعادة يوصي الأطباء بدخول المرضى الذين لا يستطيعون بسبب الإدمان ممارسة حياتهم بشكل طبيعي مثل ذهابهم لعملهم أو لجامعاتهم ومدارسهم، ويكون بالتالي إقامتهم بالمركز أو المصحة خير وسيلة للشفاء بواسطة البرامج العلاجية.

هناك بعض الحالات الإدمانية التي يعاني أصحابها من أمراض نفسية كالاكتئاب والفُصام، لذلك ضروري عند البحث عن مركز لعلاج الإدمان الاستعلام فيما إذا كان يوفر خدمات الصحة النفسية من عدمها، فقد يحتاج المريض للعلاج المزدوج (العلاج من الإدمان ــ العلاج من المرض النفسي)، وهنا تكون الأفضلية للمراكز التي تقدم خدمات شاملة.

يجب عند اختيار المراكز العلاجية التأكد من أنها تستخدم الأدوية التي تساعد في تقليل أعراض الانسحاب وتحديد آثارها، فهناك البعض والتي لا تعالج المواد الأفيونية مثلًا (الأفيون ــ الهيروين) باستخدام الأدوية، فيما تحتاج تلك الأنواع عند علاج إدمانها لضرورة استخدام العقاقير المضادة لتساعد المريض على الاستجابة السريعة، وتغلق المستقبلات الأفيونية عنده فلا يشعر باللهفة تجاه المخدر بعد توقفه عن تعاطيه.

كذلك توجد أنواع عديدة من المخدرات التي يستلزم العلاج منها الاستعانة بالأدوية للحد من آثارها. ويكون من الخطأ العلاج بمنع المريض فقط عن التعاطي، فمن شأن ذلك أن يدفعه بمجرد الخروج للعودة للمخدرات وكأن شيئًا لم يكن.

الخبرة شيء مهم جدًا في علاج الإدمان، وكلما كان المركز يتمتع بالخبرة والتاريخ الطويل من حيث تاريخ إنشائها وأعداد الحالات التي عالجها وسمعته الطيبة، كلما أشار ذلك لمصداقيته، فهناك بعض الأشخاص ينشئون بعض المراكز منتهزين الفرصة، نظرًا لارتفاع الطلب على الخدمات العلاجية، دون أن يتمتعوا بالخبرة الطبية والإدارية مما ينتهي بهم الأمر بالفشل نتيجة ممارساتهم التجارية الغير أخلاقية والغير قانونية، بينما المراكز الأخرى تبقى مفتوحة دائمًا لأنها تقوم بعملها بشكل جيد.

لا ترتبط التكاليف الباهظة دائمًا بالخدمة الطبية والعلاجية الجيدة، فهناك بعض المراكز التي يوجد بها من وسائل الراحة والترفيه مثل حمامات السباحة والإقامة الفندقية الكاملة ما لا يوجد بغيرها، ومع ذلك تكون نتائج العلاج فيها دون المستوى. وبالمقابل هناك مراكز أخرى تكون تكاليف العلاج فيها متوسطة ونتائجها العلاجية أفضل كثيرًا.
الابتعاد عن المراكز ومصحات التأهيل التي تضمن نجاح العلاج فهي كاذبة.

فمن المستحيل ضمان نجاح علاج مدمن المخدرات أو الكحوليات، وإن عكست المؤشرات الأولية شفاؤه، فالأمر يرتبط برغبة المريض بالشفاء قلبًا وقالبًا، خاصة بعد مغارته لمكان التعافي، لذلك يفضل باختيار المراكز التي تعمل بنظام العلاج المستمر أو التي تطبق نظام الـ 12 خطوة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق